وا معتصماه


على الرغم من شهرة قصة «وا معتصماه» الواسعة، وعلى الرغم من كثرة دورانها بين الناس في مجالس العلم والمنابر والمدرجات والمنصات، وعلى الرغم من مللهم إياها وضجرهم بها بل وإعراضهم عنها؛ فإني في هذه الأيام أحبها أعظم الحب، وأوثرها أيما إيثار على أي قصص أخرى مهما تكن رائعة ممتعة.
كان ترديد «وا معتصماه» مرة قديما كافيا لإنصاف المظلومين، وإخضاع الظالمين، وصيانة الأعراض، وإصلاح ما فسد، وتقويم ما اعوج، ومحو الظلم والطغيان، بل وفتح مدينة منيعة بجيشها وأسوارها العالية. 
أما اليوم فترديدها مليون مرة لا يغني المظلومين عن ظالميهم، والأعراض عن الانتهاكات، والدماء عن السيلان، والحكومات عن الجور والطغيان، والمدنيات عن الخراب والدمار؛ وما أظن أنه سيغني مهما يحاول المظلومون أن يرددوها الدهر كله.
إذن افتقدت «وا معتصماه» جلالتها وقوتها، فلا تعود رائقة خلابة في أسماعنا نحن المسلمين، ولا مهيبة مفزعة عند أعدائنا. فيا ليت شعري، ما الذي صير «وا معتصماه» كلمة فارغة عابرة، بعد أن كانت خطيرة مخيفة؟ أجبنٌ عن ضعف هو أم لامبالاة عن أنانية؟ لست أدري.

مدينة البعوث الإسلامية، ٦ سبتمبر ٢٠١٧م
أحمد سترياوان هريادي

0 comments:

إرسال تعليق