قال عمر بن الخطاب

من عرض نفسه للتهمة فلا يلومن من أساء به الظن

قال حكيم من الحكماء

أربعة توصل إلى أربعة: الصبر إلى المحبوب، والجد إلى المطلوب، والزهد إلى التقى، والقناعة إلى الغنى

قال زيد بن علي

ولا تستعينوا بنعم الله على معاصيه

قال أحد الأدباء

مهما يكن احتفالنا بيوم الفراق، واغتباطنا ساعته؛ فإن الفراق لا بد أن يترك فيما بعد كما هائلا من الوحشة

قال حكيم

كن بعيد الهمم إذا طلبت، كريم الظفر إذا غلبت، جميل العفو إذا قدرت، كثير الشكر إذا ظهرت

في شعابي - القصيدة

فِي شِعَابِي

فِي شِعَابِي.. صَدَى القُنُوطِ انْجَالَا

وَهَدِيرُ الشَّقَا عَلَـيَّ انْـهَالَا

كُلَّ يَوْمٍ وَجْهِي دَرِيئَةُ وَعْدٍ

مَا لِسَمْعِي لَا يُتْقِنُ الْإِغْفَالَا؟!

خُنْتُ صَمْتِي.. فَمَا لِـخَوْفِـيَ عَاتٍ؟!

كَمْ أُحَابِي الضَّلَالَ وَالْإِضْلَالَا

يَا لَعَجْزِي.. لَيْتَ الثَّرَى مَا تَوَانَى

فِي ارْتِيَادِي.. مَا أَثْقَلَ الْأَغْلَالَا!

 

مدينة نصر، 21 أكتوبر 2020م

أحمد سترياوان هريادي


الطائر الضائع - القصيدة

 

الطائر الضائع

أَصْبَحْتُ أَعْزَلَ؛ لَا رِيْشٌ وَلَا أَمَلٌ

وَكُنْتُ قَبْلُ طَلِيْقًا لَاهِجَ الْغَرَدِ

لَمْ يَبْقَ مِنْ غَابَتِيْ إِلَّا الرَّمَادُ، وَمَا

يُقِضُّ مَضْجَعَ مَنْكُوْبٍ بِلَا سَنَدِ

أَجَلْتُ فِيْهَا بِعَيْنِيْ رَاجِيًا عَجَبًا

بِئْسَ الرَّجَاءُ! فَمَا يُعْفِيْ مِنَ الْجَلَدِ

لَمْ يَبْقَ مِنِّيْ سِوَى مَاضٍ أَلُوْذُ بِهِ

فِيْ حِضْنِهِ مَا يُدَارِيْ قَسْوَةَ الْكَمَدِ

 

أحمد سترياوان هريادي

مدينة البعوث الإسلامية، ٢٠ شوال ١٤٤١هـ

كي تكون أديبا ذا أسلوب أصيل مكين

نموذج من عدد مجلة الرسالة

قبل ثمانية عقود، كان الأستاذ أحمد حسن الزيات صاحب مجلة الرسالة، ينعى في مقاله «أدب السندوتش» على أدباء العروبة حينذاك كونهم يشبهون طبقة الصناع والزراع والتجار؛ في أنهم -بتعبير الزيات- «يأخذون الأمور بالتقليد والمحاكاة، لا بالدرس والمعاناة». ثم راح الزيات يستثني منهم ستة أو سبعة من الأدباء الكاهلين الذين أنفقوا ريعان شبابهم في دراسة لغتهم جد الدراسة، وفي فقهها حق الفقه؛ معرضين عن عبث الشباب وأهوائه ونزواته.

وفطن الأستاذ إبراهيم المازني لما جاء في مقال صديقه الزيات، وأحس من أعماقه بأنه من هؤلاء الستة أو السبعة المستثنين، فلم يلبث أن كتب مقالا يسرد فيه بطريقته المعهودة ما كان عليه هو وزميلاه العقاد وشكري زمن التحصيل من انقطاع تام إلى قراءة الكتب وتحصيل الملكات، حتى في وقت يستحيل أو يكاد يستحيل أن يقضى في القراءة والتحصيل: ألا وهو وقت حفل الزواج. لكن المازني أبى أن تضيع ثانية من وقته سدى، فأسرع إلى مكتبته ليجد نفسه غارقا من جديد في بحر لا ساحل له؛ غير حافل أن ضاقت عروسه بذلك ذرعا، ولا مكترث لعتاب وجهه إليه أهله.

إبراهيم عبد القادر المازني
أحمد حسن الزيات

ولم يمض بالمازني وزميليه طويل الوقت، حتى أصبحوا رواد التجديد في الشعر العربي، وفي الاحتكام إلى ذوق أدبي جديد لا عهد للعرب من قبل. على أن المازني اعترف أن ما بذله من الجهد والعناء في سبيل التحصيل ليس بشيء، بالقياس إلى ما بذله زميلاه العقاد وشكري، ثم نجد العقاد نفسه -الذي قال فيه رجب البيومي إنه أكثر أدباء العربية اطلاعا على الآثار الفكرية في القديم والحديث- اعترف بأن زميله شكري أوسع اطلاعا منه. وعلى كل حال، فالذي يعنيني هنا أن المازني -كما قال صديقه الزركلي صاحب الأعلام- كان جلدا على المطالعة، فليس هناك شيء أدل على ما بذله المازني من عناء ومشقة في سبيل تثقيف نفسه، وجعل العربية وآدابها دراسة وفقها تتسرب إلى كيانه تسربا؛ من محاولته لحفظ كتاب «الكامل» للمبرد عن ظهر قلب ففعل وتمكن منه، فما من شك أن ذلك -بتعبير الزركلي- سر الغنى في لغة المازني.

ثم نعود إلى مقال الأستاذ الزيات؛ لنجد أن ما كان يشكوه ويضيق به ذرعا قبل ثمانية عقود، هو نفسه ما نشكوه ونضيق به ذرعا، بل شر أضعافا مما كان الزيات يشكوه ويضيق به ذرعا. إن الأدباء اليوم -فضلا عن غيرهم- في نتاجهم الأدبي يأخذون العربية مفرداتها وصيغها وتراكيبها وتعابيرها بالتقليد والمحاكاة، لا بالدرس والمعاناة. وأيسر انعكاس لهذا الصنيع الساذج وأوضحه: أن تتساوى معرفتهم بالعربية مع معرفة العوام بها؛ حيث استطاعوا بتقليدهم ومحاكاتهم أن يلبسوا نتاجهم الأدبي ثوب العذوبة والسلاسة حينا وثوب الجزالة والرصانة حينا، وأن يغطوا سعة الفجوة بين مستوى تعبيرهم، ومستوى الداعي إلى ذاك التعبير.

أجل، إنهم إن استطاعوا ذلك بالتقليد الصرف والمحاكاة المجردة، وهما دوما مهرب من كان زاده من الصبر في الدرس والجد في التحصيل ضئيلا؛ فلا ينبغي أن يفوتهم أن سعة الفجوة بين مستوى تعبيرهم، ومستوى الداعي إلى ذاك التعبير؛ قد تجرهم إلى وخيم العاقبة متمثلا في أنهم محرومون كل الحرمان من أن يكون لهم صدق في شعورهم بإزاء ما يسطرون. أجل، إننا لا ننكر أن يكون لهم صادق المعايشة لتجاربهم، ولكن أن يكون لتلك التجارب صدى صادق في الصورة المعبرة عنها؛ فذلك شيء بعيد المنال؛ إذ إن الصورة التي أتى بها المقلد إن هي إلا قالب جاهز لأديب ما قد وظفه في تصوير تجربته الشعورية، أو مجموعة القوالب الجاهزة لأدباء مختلفة.

وحصيلة القول: إن المقلد -كما يقول الأستاذ محمود شاكر- «لا يفلح أبدا، وإنما يفلح من جاء الإحساس بالشيء من قرارة نفسه»، وأسعفه محصوله الواسع من طول الدرس وجد التحصيل بأن يصور ذلك الإحساس الأصيل بأسلوب أصيل غير معهود. وهذا ما حصل فعلا عند الأدباء الرواد أصحاب المدرسة البيانية أمثال الرافعي والمنفلوطي والزيات وطه حسين والعقاد والمازني، وقد أجاد الدكتور أحمد هيكل وصف أساليبهم وتحليلها على حدة وإبراز مزايا كل المدارس. وهذا أيضا ما حصل عند من جاء بعدهم من الفضلاء أمثال محمد الغزالي وزكي نجيب محمود ومحمود شاكر.

مصطفى صادق الرافعي
كتاب تطور الأدب الحديث في مصر للدكتور أحمد هيكل

وتلك الفجوة الشاسعة بين المستويين ستكون جلية، حينما سألنا هؤلاء المقلدين عما وراء استعمالهم لتلك المفردات والصيغ والتراكيب والتعابير؛ إذ إن الإجابة على هذا السؤال يستحيل أن تتسنى -أو يكاد يستحيل- إلا لمن حذق العربية وآدابها دراسة وفقها. فإذا ما حاولوا الإجابة عليه؛ لم ينبس ببنت شفة، اللهم إلا قولهم: تقليدا لأديب ما ومحاكاة لشاعر ما. وقد يأخذ علينا من لا يعجبه ما أسلفناه من القول فيقول لنا: وهل كانت اللغة إلا تقليدا ومحاكاة؟! فنقول له: لقد أصبت قلب الحقيقة، فالعرب الخلص الذين كانت لغتهم حجة لأئمة اللغة والنحو والبلاغة؛ إنما ورثوا لغتهم تقليدا ومحاكاة لآبائهم، ليس فيه حظ من الدراسة والتفقه والتحقق، ما هو شأن من جاء من العرب أو غير العرب بعد عصر الاحتجاج.

على أن تقيس وضعك على وضع هؤلاء العرب الخلص، لتسوغ تقليدك ومحاكاتك، وتبرر تلكؤك وتقاعسك عن دراسة لغتك وتفقهها؛ فأنت -ورب الكعبة- لم تترك من الحماقة شيئا. فكيف ترضى -وأنت الأديب- أن تجاري العوام في معرفتك بلغتك، وتفتخر بأن لك أسلوبا رشيقا ممتعا، وتفر من أن يسألك سائل عما وراء ذلك الأسلوب الرشيق الممتع من سبب أو داع أو مسوغ. وبناء على ما سلف، فما أحوج الأديب أو المتأدب إلى أن يتأنى بعض الشيء لكي يستطيع أن يوفر وقتا كافيا لدراسة العربية وآدابها؛ دراسة ترفعه عن طبقة العوام في معرفتهم بلغتهم، وتؤصل ملكته، وتثري خبرته، وتسعفه بأن يفقهها حق الفقه وأوفاه. []

 

مدينة البعوث الإسلامية، ١ يونيو ٢٠٢٠م

أحمد سترياوان هريادي

محمد الغزالي
مصطفى لطفي المنفلوطي
طه حسين
محمود محمد شاكر

مراجع:

١. مجلة الرسالة

٢. الأعلام للزركلي

٣. أباطيل وأسمار لمحمود شاكر

٤. تطور الأدب الحديث في مصر لأحمد هيكل

٥. مقدمة رجب البيومي لكتاب نظرات في النفس والحياة لعبد الرحمن شكري

غيث حزيران - قصيدة مترجمة

غيث حزيران
للشاعر الإندونيسي الكبير/ سافردي جوكو دامونو

ليس هناك شيء
أمضى ثباتا من غيث حزيران
أخفى تساقط أشواقه
إلى تلك الشجرة المزهرة

ليس هناك شيء
أوفى قدرا من غيث حزيران
أزال آثار قدميه المترددتين
في تلك الطريق الخالية

ليس هناك شيء
أرجح عقلا من غيث حزيران
أخلى سبيل ما سكت عنه
لتمتصه جذور الشجرة المزهرة

١٩٨٩
-
ترجمة أحمد سترياوان هريادي
دارس الأدب العربي بالأزهر الشريف
-
النص الأصلي باللغة الإندونيسية

Hujan Bulan Juni

tak ada yang lebih tabah
dari hujan bulan Juni
dirahasiakannya rintik rindunya
kepada pohon berbunga itu

tak ada yang lebih bijak
dari hujan bulan Juni
dihapusnya jejak-jejak kakinya
yang ragu-ragu di jalan itu

tak ada yang lebih arif
dari hujan bulan Juni
dibiarkannya yang tak terucapkan
diserap akar pohon bunga itu

1989
Sapardi Djoko Damono